مقاومة المضادات الحيوية .. تهديد عالمي
Description
مما لا شك فيه أن المضادات الحيوية منذ اكتشافها لأول مرة من قبل العالم الأسكتلندي الكسندر فيلمنغ (مكتشف البنسلين) في عام 1928 قد أحدثت ثورة طبية أسهمت في إنقاذ حياة الملايين من البشر، واستخدمت في علاج الأمراض المعدية، ومهدت الطريق لإحراز تقدم علمي هائل في عمليات زراعة الأعضاء والجراحات. ولكن ربما تحتوي كل ثورة علي بذور هلاكها كما تنبأ بذلك فيلمنغ نفسه عند تسلمه جائزة نوبل في الطب عام 1945 قائلا بأنه ليس من الصعب جعل البكتريا مقاومة للبنسلين إذا تعرضت لتركيزات غير كافية منه ، واستطرد محذراً من مغبة استشراء مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، مشيرًا إلى أن زيادة الطلب على المضادات الحيوية سيفضي إلى الإفراط في استخدام العقاقير، ومن ثم ستطور البكتيريا أساليب أفضل للتصدي للمضادات الحيوية. ولم يعد ذلك مجرد تنبؤا متشائماً للمستقبل بل إنه واقع نعيشه الآن، فلقد أظهرت فعالية المضادات الحيوية تراجعا كبيرا، واليوم تشكل مسألة عدم قدرتنا علي علاج حالات العدوي الشائعة تهديداً عالمياً، لا يقل خطورةً عن التغير المناخي والتنوع البيولوجي ونحوهما ،وفي الآونة الأخيرة تصاعدت التحذيرات من قبل العلماء والأطباء وسط حالة استنفار عالمية تقودها منظمة الصحة العالمية WHO)) بأننا أمام كارثة صحية عمومية عالمية تعرقل مكافحة الأمراض المعدية، ووصفتها منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة FAO)) بأنها تمثل تهديدا كبيرا علي سلامة الغذاء والأمن الغذائي، وسبل العيش، والصحة والرعاية الحيوانية، والتنمية الإقتصادية والزراعية، والبيئة، والتنمية المستدامة. وحقيقة أن يصبح ذكر البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية أمراً متداولاً في المحافل الدولية (مجموعة الدول السبع وبلدان مجموعة العشرين والمنتدى الإقتصادي العالمي والجمعية العمومية للأمم المتحدة) كأزمة تهدّد البشرية لهو أمر جلل ينذر بأزمة عظيمة.